الخميس، 26 أبريل 2018

الإعتبار بالإختبار (1) خطبة جمعة مفرغة للشيخ عبدالله بن صالح هادي المدخلي

الإعتبار بالإختبار

الحمدلله , الحمدلله  الذي جعل الليل والنهار خلفة  لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً , أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , جعل في تبدل الأيام عبرة وتذكيراً , وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله , بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً , صلى الله عليه وعلى آله وصحبه  وسلم تسليماً كثيراً .        أما بعد :

فاتقوا الله عباد الله { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ  }

عباد الله  : إننا في هذه الدنيا , في دار إبتلاء وامتحان واختبار , وهو إختبار دائم لا ينقطع إلا بالموت , ثم يعقبه إختبار آخر في القبر , وستظهر النتيجة يوم القيامة , { فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}  , فلتنظر نفس ماقدمت لغد , وإننا ياعباد الله في هذا الإختبار مراقبون في أفعالنا وفي حركاتنا وسكناتنا , يقول الله تعالى { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } , فلا تغرنكم الحياة الدنيا فتشغلكم عما أنتم فيه من الإختبار , فالأنفاس محدودة , والأوقات محدودة , ومن لم يجتهد في إختبار الدنيا فإنه معرض للسقوط في نار جهنم يوم القيامة , بعد غدٍ يتجه أبناؤنا إلى أماكن الإختبار الدنيوي , نسال الله تعالى أن يوفقهم ويرفع درجاتهم  في الدنيا والآخرة , من أجل هذا الإختبار مواعيد النوم  تتغير وأعداد المصليين تتكاثر!! , محافظة على الأوقات وهجر للعب والملذات هذا أب يُمَنِّي أولاده , وآخر لأولاده يتوعد !! إنه الإختبار يا عباد الله ! والإهتمام بالإختبار لا عيب فيه ولا عتاب عليه , بل هو أمر محمود يمدح فاعله , ولكن العيب والعتاب  والمذمة في عدم إهتمامنا بالإختبار الأُخروي , إن الكثير من الأباء والأمهات يحرصون على إيقاظ أبنائهم مع أذان الفجر أو قبله في أيام الإختبارات , ليذاكروا ويراجعوا , فكم من الأباء والأمهات يهتمون بإيقاظ أبنائهم لصلاة الفجر والعصر , والتي تمر كثيراً وكثيراً , وكثير من أبناءنا في نوم عميق , إن كثيراً من الأباء والأمهات يحاولون تحفيز أبنائهم  على المذاكرة  بذكر فلان وفلان , ممن اجتهدوا فنجحوا , وتفوقوا فتقلدوا أعلى المراتب والمناصب الدنيوية , فكم من الأباء والأمهات يذكرون أبناءهم ويحفزونهم ليقتدوا بنبيهم صلى الله عليه وسلم ويتبعوه ليتبوأوا , أعلى المراتب والمنازل في الدنيا والآخرة ؟!

إنه  لمن الشقاء الواضح والخسارة البينة , أن يظل إهتمام الإنسان منصباً على الدنيا وزخرفها , أما الآخرة فالإهتمام بها قليل , والإجتهاد لإجتياز إختباراتها ضئيل , إن الموفق ياعباد الله [ من استفاد من المواقف الدنيوية فتذكر بها المواقف الأخروية ] , ونحن  مقبلون على الإختبارات .

تذكروا  يا عباد الله [ يوم السؤال والحساب ] , يوم يحشر الخلائق في مكان واحد تحيط بهم الملائكة , من كل مكان { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ الذِّكْرَىٰ () يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } , تذكروا ياعباد الله يوم العرض على الله يوم العرض على الله جل جلاله { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ } , ( وما منكم من أحد إلا سيكلمه الله , ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه , فلا يرى إلا ما قدم , وينظر أشأم  منه فلا يرى إلا ما قدم , وينظر بين يديه  فلا يرى  إلا النار تلقاء وجهه ( فاتقوا النار ولو بشق تمرة ) رواه مسلم .

تذكروا ياعباد الله أن الله سائلنا عما قدمنا يقول الله  تعالى : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ () عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } تذكروا أنه ( لن تزول قدما عبد يوم القيامة , حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ وعن ماله من أين اكتسبه ؟ وفيما أنفقه ؟ وعن علمه ماذا عمل فيه ؟ ) .

تذكروا يا عباد الله أننا مسؤولون عما تحت أيدينا , فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته , والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده  ومسؤول عن رعيته ) رواه البخاري ومسلم .

تذكروا ياعباد الله أن أول مايسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة , فإن قُبلت , فقد أفلح وأنجح , وقبل سائر عمله , وإن ردت فقد خاب وخسر , ورد سائر عمله , فأين الإستعداد يا عباد الله لإختبار الدار الآخرة ؟! وكيف تكون الإجابة عن تك الأسئلة وغيرها ؟ في ذلك اليوم العظيم ! { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } , { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ () وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ () وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ () لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ }

{ يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ } , { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا } , { يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} , {يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} ألا فليحاسب الإنسان نفسه قبل أن تحاسب , فإنه من حاسب نفسه ها هنا خف عليه الحساب هناك , فاتقوا الله يا طلاب الدار الآخرة , وأطيعوه وراجعوا كتاب ربكم والزموه , واقتدوا بنبيكم ومعلمكم واتبعوه , ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون , أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه , وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .


الخطبة الثانية :

الحمد لله على إحسانه , والشكر له على توفيقه وامتنانه , أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك تعظيماً لشأنه , وأشهد  أن محمداً عبد الله ورسوله

الداعي إلى رضوانه صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه  , أما بعد فاتقوا الله عباد { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } .

معاشر الطلاب : تجملوا  بلباس التقوى , فإنه من اتقى  الله جعل له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً , وجعل له من أمره يسراً , ورفع درجته وأعلى منزلته في الدنيا والآخرة , خذوا بأسباب النجاح والفلاح , وذاكروا واجتهدوا فإنه من يتعب اليوم يرتاح غداً ـ بإذن الله تعالى ـ إلجؤوا إلى ربكم وسلوه التوفيق في الدنيا والآخرة , فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال ( ياحي يا قيوم برحمتك أستغيث ) رواه الترمذي .

إياكم أن تفكروا بالغش أو تخططوا له , أو تتفقوا عليه فإنه حيلة العاجزين , وطريق الفاشلين وصفة ذميمة لا تليق بعباد الله المؤمنين , يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من غش فليس منا ) رواه الترمذي .

ومن توظف بشهادة مبنية على [ الغش ] كان مكسبه [ محرماً ] , خاصةً إذا كان الغش في سنة الحصول على الشهادة التي توظف بها أفتى بذلك الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - احترموا العلم وعظموه واعملوا به , وإياكم أن تهينوه , إياكم و الجلوس على كتب العلم أو رميها أو تعريضها لأرجل المارة أو وضعها في الأماكن القذرة فإنه من امتهن كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ , فقد عرض نفسه للإهانة , ولربما كان ذلك سبباً لخذلانه وشقائه وحرمانه وعدم توفيقه .

معاشر الطلاب :

في أيام الإختبارات تكثر التجمعات الطلابيةُ خارج المدارس , وتزداد جلسات الأنس على  الأرصفة وفي المطاعم , وهي فرصة قد يستغلها الأشرار للتغرير ببعض أبنائنا واستمالتهم إلى مساوئ الأخلاق وفيها قد يتعرف الشاب على أصدقاء السوء , وقد يلبسون عليه بمعسول كلامهم ليشاركهم تفحيطهم ودخانهم وشيشتهم وقاتهم وحبوبهم وتسكعهم في الشوراع وحول مدارس البنات , فاحذروا أيها الأبناء رفاق السوء وأساليبهم ولا تسمعوا منهم كلاماً  , ولا تفتحوا لهم مجالاً فالسلامة منهم غنيمة , والبعد عنهم سعادة , فالنجاح لا يمكن أن يأتي [ بحبة ] والتفوق لا يمكن الوصول إليه بمنشط , فلا تصدقوا مهما قال لكم المروجون , ولا تجربوا مهما حاول المفسدون , فالمخدرات [ فشل وضياع ومرض وإنحراف ] والأيام كفيلة بأن تخبركم بأخبارهم وفشلهم وفسادهم , وإن كان حالهم شاهد بذلك وناطق , احذروا أصدقاء السوء ولا تخالطوهم , واغتنموا أوقاتكم في المذاكرة وعودوا إلى بيوتكم حال إنتهائكم من الإختبار , فإن أباءكم وأمهاتكم , قلقون عليكم وبانتظاركم يريدون الإطمئنان عليكم , ويا أيها المعلمون يقول الله تعالى:  إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ  .

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه اللَّه تعالى - لقد أمرنا اللَّه عز وجل أن نؤدي الأمانات إلى أهلها , وأمرنا إذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدل , وإن الإختبارات أمانة وحكم , فهي أمانة في وضع الأسئلة , وأمانة حين المراقبة , وهي حكم حين التصحيح , انتهى كلامه رحمه اللَّه , ويا أيها الأباء رفقاً بأبنائكم شاركوهم مشاعرهم وأدخلوا السرور , عليهم وخففوا عنهم , علموهم وأرشدوهم وأعينوهم وابتعدوا عن [  التأنيب والترهيب والسب والشتم والتعيير والاستهزاء فإن ذلك يؤثر في نفوسهم , ويضعف تحصيلهم , وادعوا لهم ولا تدعوا عليهم فإن دعاء الوالدين مستجاب اللهم هبلنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً , اللهم أصلنا لنا ذرياتنا ووفقهم ويسر عليهم اختباراتهم , اللهم وفقكم للدرجات العلى في الدنيا والآخرة , اللهم وفقنا وأبنائنا لما تحب وترضى , اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين , اللهم وفق أبنائنا وبناتنا واشرح صدورهم للعلم النافع والعمل الصالح وانفع بهم الإسلام والمسلمين , اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين ياقوي يا عزيز , اللهم اغفر  للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات يا أرحم الراحمين ,  اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى , اللهم وفقه بتوفيقك وأيده بتأييدك وانصر به دينك وأعلي به كلمتك يا أرحم الراحمين , اللهم وفقه وإخوانه وأعوانه لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين , اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات , اللهم اغفر لموتى المسلمين  اللهم اغفر لهم وارحمهم  وعافهم واعف عنهم  وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم , ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس  , اللهم جازهم بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً , اللهم نور لهم وافسح لهم فيها , اللهم نورعليهم قبورهم وافسح لهم فيها يا أرحم الراحمين , اللهم وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين واجعلنا من ورثة جنة النعيم , يا أرحم الراحمين اللهم لا تفرقنا إلا بذنب مغفور وعمل صالح متقبل مبرور  ياكريم  ياغفور والحمد لله رب العالمين , وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


 
للتحميل ملف pdf اضغط هنا

اسهم معنا في نشر الخير

الأربعاء، 25 أبريل 2018

تفريغ كلمة الشيخ محمد بن هادي حفظه الله الموجهة للإخوة بدور الحديث في الملتقى الرابع بمدينة فاس بالمملكة المغربية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين  .

أما بعد :  فنسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقني وإياكم معشر الأحبة، العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعل اجتماعاتكم هذه مباركة، و أن يعم بنفعها بلاد المغرب عامة وأن ينفع بها الإسلام والمسلمين وأن يجعلها في طاعته وفي ومرضاته وفي السعي فيما ينفع المسلمين وأبناء المسلمين ويظهر الله به الدين ويعلي به الحق، وينشر به السنة ويظهر به العلم، ويمحو به الجهل، إنه جواد كريم  .

أيها الإخوة في الله : إن العلم من أعظم ما أنعم الله سبحانه وتعالى به على العباد، وإن تعليمه للناس من أعظم القرب التي يتقرب بها إلى الله جل وعلا، وأعظم ما يتقرب به إلى الله جل وعلا أيضا في الأزمان التي يكثر فيها الجهل وتفشو فيها البدع ويقل فيها العلم وتذهب أهله، فلا شك أن القعود للناس وتعليمهم أمور دينهم لا شك أنه من أعظم الطاعات وأجل القربات عند الله تبارك وتعالى، ودوركم هذه دور الحديث التي يسر الله سبحانه وتعالى لكم إنشائها في بلدانكم المتباعدة سوءا كانت مدنا أو قرى، أو قرى حول بلادكم، يفد إليها الطلاب فيتعلمون كتاب الله جل وعلا ويتعلمون التوحيد ويتعلمون السنة ويتفقهون في أحكام دينهم، لا شك أن هذه الدور لها نفع عظيم، وأجر القائمين عليها عند الله تبارك وتعالى عظيم، إذ في ذلك الصبر على الناس وتحمل المشقة والإنقطاع عن السعي في مشاغل النفس وحاجات النفس في هذه الدنيا والإنقطاع عن ذلك والإتجاه إلى ما يقرب إلى الله جل وعلا ويعم به النفع في الدنيا وفي الآخرة.

لا شك أن عملكم هذا معشر الأحبة من أعظم الأعمال وأرجاها عند الله تبارك وتعالى لكم ثوابا، إذ لقعودكم لتعليم المسلمين وأبناء المسلمين وتفقيه المسلمين لكم في ذلك الخير العظيم، ومن فضل الله جل وعلا عليكم وملائكته ، وحتى الحيتان في الماء، والنمل في جحرها ، تستغفر لكم لأنكم تعلمون الناس الخير، فهذه نعمة من الله تبارك وتعالى من بها عليكم فاحمدوه عليها وإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال : { *خيركم من تعلم القرآن وعلمه* }  [1] .

وقد رأيت في دوركم هذه التي زرتها كونها في أعلى طريقها مما عرفت من خلال الإتصال بإخوانكم فيها ومن التواصل بيني وبينهم، هذه الدور قائمة بتعليم كتاب الله وتحفيظه للناشئة، والتصحيح للعامة وللكبار ونفع الكبار أيضا وتعليم الناشئة التوحيد وسنة النبي صلى الله عليه وسلم لا شك أن هذه الدور ينطبق عليها وعلى أهلها قوله عليه الصلاة والسلام :  { *خيركم من تعلم القرآن وعلمه}* ولقد كان بعض سلفنا الصالح يحبسه هذا الحديث، فقد حبسه على الناس قرابة سبعين عاما وهو حابس نفسه على تعليم الناس لأجل هذا الحديث ليدخل في قوله عليه الصلاة والسلام { خيركم من تعلم القرآن وعلمه} ويقول  عليه الصلاة والسلام { من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص  ذلك من أجوره شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة ، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا} [2] أو في الوزر لا  ينقص من وزرهم شيئا  .

وأنتم قد تفرغتم في هذه الدور وفرغتم أنفسكم وحبستموها عن كثير من مصالحكم الخاصة، لا لشيئ ، إلا لإيصال الخير إلى الغير، كما أسأل الله جل وعلا ألا يحرمكم الأجر وأن يبارك في أعماركم وأعمالكم هذه ، وإن اجتماعاتكم هذه التي تجتمعونها في جميع أنحاء المملكة المغربية الشقيقة وفقها الله وحماها من كل سوء ومكروه، وبارك فيها ونشر الخير فيها، ووفق القائمين عليها للخير، وهيأ لهم البطانة الصالحة، وأبعد عنهم بطانة السوء ، هذه البلاد التي أنتم تتزاورون فيها في دور الحديث أهل الشمالية وأهل الجنوب وتارة أن تمر خلال الشمال وتارة أهل الشمال والجنوب يلتقون بالوسط وتارة أهل الشمال والوسط يلتقون بالجنوب يجتمعون، يتذاكرون الأمر بينهم فيما تحتاج إليه الدعوة ، وفي العوائق التي تواجهكم أو تواجه بعضكم في بعض المناطق فتتشاورون لحلها، لا شك أن هذه اللقاءات كلها لقاءات مثمرة، لأنها لقاءات عن خير واجتماعات فيما بينكم، يتواصى بعضكم فيها مع البعض الآخر فيما ينفع هذه الدعوة ويثمر فيها ويعون على نشرها ونشرها بين الناس وإظهارها بين الناس وانتفاع الناس منها ومحاولة دفع عادية السوء عنكم وعن هذه الدعوة المباركة وعن الدعوة السلفية.

  لا شك أن المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه وضعيف بنفسه قوي بإخوانه ، { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا كما قال عليه الصلاة والسلام وشبك بين أصابعه}  [3] ، ولا شك أن المرء يقوى بإخوانه

وما المرء إلا بإخوانه *** كما كانت الكف بالمعصم

ولا خير في الكف مقطوعة *** ولا خير في الساعد الأجذم *[4]*

فاجتماعكم معشر الأحبة هذا أو اجتماعاتكم كلها فيها خير، والغرض منها، هذا الذي ذكرنا .

ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينكم عليها أن يوفقكم وأن يجعلكم موفقين مسددين تخرجون بما ينفع هذه الدعوة السلفية المباركة ، ما ينفعها من المشورات الصائبة والآراء النافعة والتوجيهات السديدة بعضكم مع بعض يدفع عن هذه الدعوة العوادي ويبين بعضهم لبعض كيف يسلك من ورودات بعض المصائب ويصبر بعضكم بعضا هذا لا شك كله عمل صالح ، لأنه من التعاون على البر والتقوى قال جل وعلا : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ ِ ۚ} الآية *[ المائدة (2)]*

هذا الواجب علينا وعليكم جميعا :  أن تتعاونوا فيما بينكم وأوصيكم ونفسي مع التعاون بالتراحم، وأصيكم ونفسي مع التعاون و التراحم بالتطاوع والمشاورة للخير والتعاون على الخير كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك أوصيكم ونفسي بأن ترفقوا بالناس وأن تيسروا على الناس في حدود المصالح الشرعية والحدود الشرعية التي جاء التيسير بها في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال عليه الصلاة والسلام { يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا} *[5]*

و.... لا تفترقا، واعتدلا ولا تختلفا، وتطاوعا فالتطاوع والتعاون بينكم معشر الأحبة أمر مهم بل لا تقوى مكملاتكم ولا تتحد كلمتكم ولا يقوى صفكم إلا بذلك وأن يلين بعضكم لبعض وأن يرحم بعضكم بعضا وأن يعذر بعضكم بعضا فيما يسيغ فيه العذر مما من الخطأ فبعض الخطأ من الإنسان، ما من إنسان إلا ويخطئ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول كل الإنسان خطاء وخير الخطائين التوابون *[6]  .*

والواجب علينا وعليكم جميعا الرفق فإن الله رفيق يحب الرفق و ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه وإن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله سبحانه وتعالى ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف ولا على ما سواه [7]

وأوصيكم معشر الأحبة ونفسي بتقوى الله، و بما سمعتم أن تتعاونوا، وأن تتعاطفوا، وأن تتراحموا، وأن تترافقوا وأن تتآلفوا، وأن تكونوا إخوة متحابين في الله تبارك وتعالى متعاونين على فعل الخير و على إيصال الخير إلى الغير و على هداية الغير إلى رب العالمين سبحانه وتعالى، هذا هو المقصد فإن العلم مبارك فيه إن هو نشر وإن هو بث، والعلم كنز  ...  هو ويذهب إذا الانسان كتمه ولم يقم بحقه وهو تعليمه للناس كما قال عمر بن عبد العزيز فإن العلم لا يهلك وقول الإمام  البستي رحمهما الله :

فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا   *[8]*

فلابد من القعود للناس وتعليم الناس ، والصبر على ذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأوصيكم أن تحرصوا على اللطف مع الجاهل و على الرفق في تبليغ الغائب وتحذروا كل الحذر ممن أثاركم ليخرق كلمتكم ويشق صفكم فاحذروه كل الحذر وخذوه على جانب وانصحوه لعل الله جل علا أن يهديه ولعل الله أن يقذف النور في قلبه، ولعل الله جل وعلا أن يكشف وكزة الشيطان، الشيء الذي قذف في قلبه فإن حصل ذلك فهذا الذي نحب ويحبه كل مسلم صادق يحب الخير لإخوانه وأبنائه المسلمين في كل مكان،ى فإن أنار الله قلبه وظهر منه الصدق والندم  فالحمد لله، وإن لم تروا فيما بينكم عليهم أن يفرق صفكم، وأن يشق عصاكم وأن يشتت كلمتكم ووحدتكم فاحذروه كل الحذر، وابتعدوا عنه ولا تلتقوا به، وحثوا الناس عن البعد عنه، ولتكن كلمتكم واحدة على الخير، ولتكن كلمتكم أيضا واحدة في حب إلقاء الخير إلى الغير وإلى هداية الغير ، هذا هو الهدف الذي من أجله وفقكم الله وفتحتم هذه الدور ، دور الحديث لنفع المسلمين عامة و خاصة أما الخاصة فهم الطلبة والصغار الذين أتوا بهم آباؤهم وأولياؤهم لتعليمهم الدين وتعليمهم الشرع ولتعليمهم الكتاب والسنة ، وأما العامة فهم عامة إخواننا وآبائنا وأمهاتنا ممن لم يحلفهم الحظ من مثلكم على هذه المقاعد أو هذه المجالس فيتفرغوا لطلب العلم وكهل بهم السن تقدمت بهم السن أو زادت مسؤولياتهم وكثرت أشغالهم وارتباطاتهم بالكدح والضرب في الأرض لإبتغاء فضل الله والإنفاق على زوجاتهم وعلى عيالهم هؤلاء لا تنسوهم أن تفتحوا لهم اللقاءات الخاصة في دورات خاصة مسائية مثلا، كما حصلت من بعض دور الحديث وصارت كثير من إلقاء كلماتهم فيها ،  فاجعلوا لهم من هذه اللقاءات التي تعلمونهم فيها أحكام الدين الواجب على كل واحد منهم أن يتعلمه، يعني العلم الضروري العيني الذي لا يسقط على أحد، تعاونوا واستعينوا بالله وادعو الله سبحانه وتعالى أن يؤلف بينكم وأن يوحد صفكم وأن يجمع كلمتكم على الخير والهدى واسألوه سبحانه وتعالى أن يجنبكم أسباب الردى واسألوه سبحانه وتعالى أن يقيكم شر كل ذي شر وأن يعينكم على كل خير وأن يجعلكم مباركين وأن ييسر لكم الهداية هداية الناس وأن ييسر الهدى لكم وأن يجعلكم مفاتيح للخير مغاليق للشر ونسأله سبحانه وتعالى أن يعم بنفع هذه الدور جميع البلاد المغربية ومن قدم عليها من البلاد الأروبية مثلا .

  كما أسأله سبحانه وتعالى أن يوفقكم لكل خير وأن يجنبكم كل شر وأن يحميكم وأن يحفظكم بحفظه وأن يرعاكم برعايته وأن يكلأكم بعنايته وأن يزيدكم من العلم والإيمان

وأسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وإياكم لكل خير وأن يزيدنا وإياكم من كل خير

وأن يعيننا وإياكم على كل خير وأن يجعلنا وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر وأن يجعلنا وإياكم دعاة إلى الهدى وأن يهدينا ويهدي بنا وأن ييسر الهدى لنا وأن يجنبنا وإياكم جميعا مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن .

كما أسأله سبحانه أن يرزقنا الفقه في الدين اللهم ارزقنا الفقه في الدين والبصيرة فيه والثبات على الهدى حتى نلقاك إنك يا ربنا سميع الدعاء جواد كريم  .

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين  .

الأحد ٠٧ / شعبان(٨) / ١٤٣٩هـ ٢٢ / ابريل(٤) / ٢٠١٨م

┈┉┅━━❀━━┅┉┈

【 1 】رواه البخاري (5027)

【 2 】رواه مسلم ( 2674 )

【 3 】رواه البخاري (481) ومسلم (2585)

【 4 】من إنشاد محمد بن عمر الضبي【 روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ص 86 مكتبة السنة المحمدية ت:الفقي 】

【 5 】رواه مسلم (1733)

【 6 】رواه الترمذي (2499) وحسنه الألباني

【 7 】رواه البخاري (6927)  ومسلم (2593)

【 8 】 البخاري » كتاب العلم » باب كيف يقبض العلم "أنظر" البخاري مع الفتح (1/194)

الأربعاء، 3 يناير 2018

بيان مراتب العلم والعمل بالقواعد للشيخ العلامة محمد بن هادي المدخلي حفظه الله

#آداب_طالب_العلم

#رسالة_طالب_العلم في #بيان_مراتب_العلم_والعمل_بالقواعد

لفضيلة الشيخ العلامة الدكتور :
#محمد_بن_هادي_المدخلي وفقه -الله- ونفع به

للقراءة pdf:
https://up.top4top.net/downloadf-733uprhy1-pdf.html

 
#زدني_العلمية
#انشر

الثلاثاء، 10 أكتوبر 2017

تحميل كتاب ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ للشيخ العلامة احمد بن يحيى النجمي رحمه -الله تعالى-
عنوان الكتاب : ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ
المؤلف : فضيلة الشيخ العلاّمة احمد بن يحيى النجمي رحمه -الله تعالى- .
تحقيق وتعليق : الشيخ فواز بن علي المدخلي حفظه -الله تعالى-.
الناشر : دار المنهاج بالقاهرة - مصر 1434 هـ / 2013 م
تحميل :  PDF 


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله , و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه .
و بعد :
فقد أذنتُ للشيخ فواز بن علي بن علي المدخلي في تحقيق المحاضرة التي ألقيتُها في قرية العارضة عام 1415 هـ بعنوان "تفسير قوله تعالى (و أنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوهُ و لا تَّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله) الأنعام: 153
و أذنتُ له في التّعليق عليها و طبعها , و قد حرّرتُ هذا إعلامًا بالواقع , و بالله التّوفيق .

و كتبه :
أحمد بن يحيى النجمي 16-10-1418 هـ

الخميس، 25 مايو 2017

كتاب الشّرح الثّاني للعلاّمة الجامي على الرسالة التّدمرية
عنوان الكتاب : الشّرح الثّاني للعلاّمة الجامي على الرسالة التّدمرية
قامَ بِتَفرِيغه : أبو عبدالله العربي الجزائري
الموقع الرّسمي للكتاب : منتدى مجموعة زدني العلمية 
الطبعة الإلكترونية الأولى 1438 - 2017 
عدد الصفحات : 478 
رابط تحميل الكتاب PDF : إضغط هنا
الرجاء قراءة مقال : كيف تستفيد من قراءة التّفريغات ؟

 

نبذة من مقدّمة الطّبعة الأولى : 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} أما بعد: 
مِمّا شّجَعَنِي على كتابة هذا  التّفريغ هوَ المَفهوم من أحَد أسباب تأليفِ شيخ الإسلام ابن تيمية للرسالة التّدمرية حيثُ قَال (فقد سألني من تعينت إجابتهم أن أكتب لهم مضمون ما سمعوه مني في بعض المجالس)  و هذا يَدُلْ عَلَى أنّ هؤلاء قَدْ سَمِعُوا من الشّيخ ما قَرَّرَهُ بِهذهِ الرّسالة في بَعضِ دروسِه , وَ  يَدُلّ أيضًا على ذَكَاءِهِمْ و فِطنَتِهِمْ و شِدّةِ حرصِهِم على تَقيِيد ما سمعوهُ من الشيخ في هذهِ المجالس لأنّهُم حَرِصُوا كلَّ الحِرص عَلَى أنْ يُقَيَّدَ ذلِكَ الكلام و لا يَضِيع , وَ إلاَّ فإنّ الكثير من العلم قَد ضَاع بِسَبَبِ تَفْرِيط الطُلاّب , كثير من دروس السّلَفْ و كثير من الكُتُب المُؤَلّفَة قَدْ ضَاعَتْ و تَلِفَت بِسَبَبِ تَفْرِيطِ الطُلاَّب و تَفريطِ النّاس و عَدَمِ الإهتِمَامِ بِالمُحَافَظةِ عليها , وَ لِنَنظُرْ أخي القارئ ما حَصَلَ لهُم مِنَ الأجر  بالإنتفَاع العظيم الذي حَصَلَ للمسلمين من هذَا الكتاب و قد قال رسولُ الله صلّ -الله- عليه و سلّم (الدَالُّ على الخير كفاعله) ,  لذلكَ ينبَغِي لطالِبِ العلمْ أن يَعتَنِيَ بِتَقييدْ المَسَائِلْ و كذلِكَ أن يحرِص كلّ الحِرص عَلَى ألاَّ يَضِيعَ العِلم , فإذا سمعَ فِي درس لمشايخ أهل السنة و الجماعة فإنّهُ يَحرِص إمَّا أن يَطْلُبَ تقييد ذلك الكلام , أوْ أن يَحْرِصَ هوَ أن يُقَيِّدَ ذَلِك الكَلام حتّى يُنْتَفَعَ بِه فإنّه قَد قِيلَ : 
العلم صيد والكتابة قيده * قيد صيودك بالحبال الواثقة .
و ممّا شجَعني على التّفريغ أيضا هي القيمة العلمية للرسالة التّدمرية لأنّها تهتم بمسائل متعلّقَة بأصول العقيدة , فَهِيَ مُوَافِقَةِ لمُسَمَّاهَا حيثُ أرسِلَتْ إلى تَدْمُر و هِيَ تُدَمِّرُ العَقَائِدَ الفاسِدَة , ففيها البَيَان الشّافِي الكافِي لكَسْرِ وَ دقِّ عُنُقِ وَ مَسَائِلِ و رؤوسِ اعتقَادَات الفرق الضالّة .

روابط التّحميل لكتب و شروحات أخرى متعلّقة بالرسالة التّدمرية :

02 - كتاب الشّرح الأوّل للعلاّمة الجامي على الرسالة التّدمرية
إضغَط هنا

03 - شرح التّدمرية للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه -الله تعالى-
إضغَط هنَا

الجمعة، 21 أكتوبر 2016

السر في إعراض أبي جهل عن الإسلام
جاء عند ابن إسحاق في السيرة أن أبا سفيان وأبا جهل، والأخنس بن شَرِيق، مع كفرهم في ذلك الوقت، كانوا يخرجون ويستمعون لقول النبي -عليه الصلاة والسلام- للقرآن وهو يصلي من الليل، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فإذا تفرقوا جمعهم الطريق فتلاوموا، يعني كل واحد يلوم الآخر، ما الذي أتى بك إلى هنا؟ كيف تأتي وتسمع لمحمد وتسمع للقرآن، لا تعودوا، فكانوا يقولون أو يقول بعضهم لبعض لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لحصل منهم وحصل، فإذا الليلة الثانية يعودون، وكل رجلٍ منهم يأتي إلى مجلسه فيستمع للنبي -عليه الصلاة والسلام- وهكذا في الثانية والثالثة حتى تعاهدوا على أنهم لا يرجعون مرةً أخرى.

فقال الأخنس بن شَرِيق وهو يسأل أبا سفيان يقول له: يا أبا حنظلة ما هو رأيك فيما سمعت؟ يعني القرآن هذا الذي نسمعه، فقال: يا أبا ثعلبة، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يُراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها.

الأخنس كذلك ذهب إلى أبي جهل وقال مثل قول أبي سفيان، فقال لأبي جهل: يا أبا الحكم، ما رأيكَ؟ فقال: إنّا قد تنازعنا نحن وبنو عبد مناف، تنازعنا الشرف، فأطعموا فأطعمنا، فحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا بالركب أو على الركب وكنا كفرسيّ رهان، قالوا مِنّا نبيّ يأتيه الوحي من السماء فمتى نُدرك مثل هذا؟ واللهِ لا نؤمِنُ به أبدًا، لا نُصدّقه.

إذًا أبو جهل كان يعرف وكان يعلم أن محمدًا على الحق، وأن ما قاله حق وأن القرآن ليس من محمد -عليه الصلاة والسلام- إنما هو كلام الله، لكن أخذه الكِبر والعناد، كيف يكون في بني عبد مناف نبيّ، ولا يكون فينا نبيّ.